Friday, December 18, 2009

موعد مع الغدر


ينادي محمود امه لتجلب الطعام له و يتعجلها على جوع منه شديد لم يتجرع مثله طوال سنوات عمره الأربع . تطمئنه أمه ببسمة فواحة و أكملت ما كانت تؤديه . لم يكن الطعام -حقيقة ً - بالمعنى المتعا رف عليه انما كان قليلاً من ماء دافئ يطوي لقيمات من خبز صلب تبقى من عدة ايام . و حتى تلهي الفتى قامت أم محمود تحكي له عن طعام الجنة و زينتها و تستطرد في و صف اشجارها و ثمارها و متعها و محمود في نشوة عارمة كلما وصفت له امه شيئا يراقص يديه و رأسه معا و شعره الأصفر الناعم يميل يمنة و يسرة و يبث من ثغره الدقيق رجاؤه لأن تصف له المزيد وسط زقزاقات فرح كفقاعات ممشوقة صاعدة للسماء . كادت هذه اللحظات تنسيه آلام الجوع الصارخ لولا أن أم محمود انتهت سريعا سريعا من طهي الطعام و اعداده و وضعه على الطبلية .ثم عادت للمصبخ من اجل تنظيفه .
و تأهب محمود لتناول الطعام بعدما ا عتدل في جلسته و بدأ هذا الجسم الهزيل أن يمد يديه ليتناول الخبز مسميا باسم ربه . و لكن سرعان ما انبثق الجدار عن صاروخ غادر ليستقر في مضغة (قلب) هذا الملاك البشري و تتفجر من جنبات هذا الجسم الغض الدماء مشيعة روحه البريئة الى بارئها و هي ترسل على بقايا لسان صغير بقايا كلمات لم تسمع منها أمه وسط غمغات طائرة غير ( الجنة .......... ريحها
لم تصدق الام ما رأت و جعلت تفرك في عينيها بقوة تكاد تعميها و أنطلقت لتنكب على وليدها تهزه و تستنطقه ..... تقبله و تمسح على شعره .... تحتضنه و تلصقه بجسدها علّ روحها تنتقل اليه فيعيش

و لكن لا امل لا رجاء لا حياة

فما كان منها إلا ان أصدرت صرخة مدوية أخرجتها من لسانها و قلبها و عقلها و كل عضلاتها
دوت في أركان البيت الطلل صُعقت منها ذرات أحجاره الصماء و على قو تها و استمرارها جا ءها غادر أخر ليبترها فترقد الأم الى جانب وليدها تحتويه بين طياتها كما أحتوته جنينا وتلتقي دماؤهما مرة اخرى بعد طوال الغياب


كتبت هذه القصة في7/3/2008 وقت حصار غزة و الآن أهديها لكل من شاركوا في بناء جدار الانفاق لحصار غزة أكثر و اكثر



10 comments:

أحمد طاحون said...

لفت انتباهى العنوان ..( موعد مع الغدر )

والفقرة الأخيرة من القصة

جزاكم الله خيرا وصلت الفكرة

موناليزا said...

:( يااه
موجعة جدا

جلال كمال الجربانى said...

السلام عليكم

كم من محمود فى بلادنا المحتله
ولكن عزائنا أنه وأمثاله فى الجنه
أما نحن فلنا العجز والعار

ودمت فى أمان الله

سجود said...

السلام عليكم
بالفعل القصه مؤثره وما يحدث في غزه افظع من ذلك ونحن لا نراه
من كثه ما سمعنا من جرحي وقتلي اصبحنا لا نشعر ان هؤلاء القتلي الابرياء (الشهداء)
لهم اهل يذوقون الم الحزن واللوعه من فراقهم
وياليت من يبنون السور يعرفون انها موته واحده فلا يخافون من انقطاع رزق او من تعذيب فعذاب الدنيا اهون بكثير بل لا يذكر في عذاب الاخره

Dr. Ibrahim said...

عودة مع الغدر وعودة مع الأحزان لتزداد حزنا على حزن وحسبى الله ونعم الوكيل
ولا نحسب الله غافلاً عما يعمل الظالمون..

سمسم/سما said...

السلام عليكم
اخي الكريم
انت كتبت القصة من ال2008
وقت الحصار
ولسه الحصار مستمر علينا
والحرب لسه ما خلصت
الحصار وقائم ومرة جديدة ازمة كهرباء وغاز
واخر شي
بدهم ينو جدار عالحدود
بينا وبينكم
والله ما بعرف شو احكي
بدي اتذكر دم مين ولا مين
الي ماتو بالحرب ولا بانفاق الحدود ولا عالمعبر
دمهم برقبة مين
وبحييك على قصتك الجميلة
وانا بهدي دماء كل الشهدا للي بيبنو الجدار

مشروع دكتور said...

يااااااااااااااااااه يادكتور
رائعه جميله اوى يادكتور فعلا بوركت
وبورك ابداعك

Unknown said...

حسبنا الله ونعم الوكيل
وبعد كدة يقولولك
دا قرار سيادى
لمصر ومش من حق
اى حد يتدخل فيه
وكل كام شهر يسمحوا
بدخول قافلة أغاثة يتصوروا
جنبهاوكأنهم هم اللى بعتينها
يارب انصر الحق وأخسف الباطل.
يـــــــــــارب

حلم بيعافر said...

راضين بحكم زبانية جهنم ونطمع فى الجنة!!!

ولد تحت الصفر said...

فما كان منها إلا ان أصدرت صرخة مدوية أخرجتها من لسانها و قلبها و عقلها و كل عضلاتها
دوت في أركان البيت الطلل صُعقت منها ذرات أحجاره الصماء و على قو تها و استمرارها جا ءها غادر أخر ليبترها فترقد الأم الى جانب وليدها تحتويه بين طياتها كما أحتوته جنينا وتلتقي دماؤهما مرة اخرى بعد طوال الغياب


















----------------------------



مأســــــــــــــاة